الثلاثاء، 8 مايو 2012

دعوة للخدمة


W     يقول معلمنا بولس الرسول :
"و انا اشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني انه حسبني امينا اذ جعلني للخدمة " (1تى 1: 12)
ويقول أيضاً :
"اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم "(عب 13: 7 )
والكاهن في القداس الالهى ؛ في سر الكاثوليكون يقول :" ... نسألك يا سيدنا إجعلنا مستحقين نصيبهم وميراثهم وانعم علينا كل حين أن نسلك في آثارهم ونكون متشبهين بجهادهم ونشترك معهم في الأعراق التي قبلوها على التقوي. أحرس قطعيك وإجعل هذه الكرمة تكثر هذه التي غرستها يمينك ... "
W     فالخدمة دعوة للحب :
.. هذه هى المحبة ؛ والتى يريدها الرب يسوع أن نحبهٌ بها ... فنحن نعلم ما قاله الرب بعد قيامته لسمعان بطرس ؛ فقد قال له : "...  يا سمعان بن يونا اتحبني اكثر من هؤلاء قال نعم يا رب انت تعلم اني احبك قال له ارع خرافي. قال له ايضا ثانية يا سمعان بن يونا اتحبني قال له نعم يا رب انت تعلم اني احبك قال له ارع غنمي. قال له ثالثة يا سمعان بن يونا اتحبني ... انت تعرف اني احبك قال له يسوع ارع غنمى "(يو21: 15 -17 )
.. لقد قالها القديس اغسطينوس :" أحبب , وأفعل ما شئت "
.. فلو أحببت الله , حتماً ستسمع كلام الله وتنفذه بما يرضى الله ...
.. ولو أحببت البشر  , فسوف تخدم البشر فيما يؤل لصالح البشر  ...
.. وأيضاً لو أحببت نفسك , قطعاً ستخدم على خلاص نفسك ...
.. فهذا كله دعوة للخدمة من خلال الحب ...
..أنه أتضاع عظم من الله , أن يمد يده لنا لنشترك معه في رعاية أولاده .. أنه تنازل عجيب من الله أن يجعل لنا كيان معه ؛ حتى نصبح  شركاء الطبيعة الالهية ؛ هاربين من الفساد (2بط 1: 4) وذلك بعد أن فدانا وأشترانا بدمه ( رؤ5: 9, 1كو6: 20 ) , وملانا من روحهِ القدوس (1كو6: 19 ,3: 16) والآن يريد الله أن يحصد ثمر عمل روحِه فينا (غل 5: 22, 23) ولا سيما أن أولى ثمرة " المحبة.." فهذه دعوة ضمنية من الله ؛ لكى نطرح ثمر الحب الذي زرعهُ فينا , في أسواق الخدمة أمام الناس ؛  لتضئ أمامهم سبل التوبة ومعرفة طريق الخلاص , ليتمجد الله الذي في السماوات. (مت 5: 16)
وكما يقول القديس يوحنا الإنجيلى :
"يا اولادي لا نحب بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق"
وقد سبق قائلا "و اما من كان له معيشة العالم و نظر اخاه محتاجا و اغلق احشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه؟ " (1يو 18 :17)
W       الخدمة دعوة للحياة الإيمانية :
.. المسيحية = حياة للمسيح
يقول معلمنا بولس الرسول :
" و هو مات لاجل الجميع كي يعيش الاحياء فيما بعد لا لانفسهم بل للذي مات لاجلهم و قام " (2كو  5 :  15)
" فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح حتى اذا جئت و رايتكم او كنت غائبا اسمع اموركم انكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معا بنفس واحدة لايمان الانجيل " (في  1 :  27)
.. أحبائى :  لقد حزرنا الروح القدس على لسان معلمنا يعقوب الرسول حيث قال :
ايمان بدون اعمال ميت ... فمن يعرف ان يعمل حسنا و لا يعمل فذلك خطية له (يع  2 :  20 , 4: 17)
.. ويقول بولس الرسول " من اجل ذلك كانما بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم و بالخطية الموت و هكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطا الجميع "(رو  5 :  12)
" لان اجرة الخطية هي موت و اما هبة الله فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا " (رو  6 :  23)
.. فحياتنا ؛ كمسيحيين ؛ ليست ملكاً لنا الآن ... لقد أشتراها الذي فداها – أسمعوا كلمات الترنيمة الجديدة التى قيلت للمسيح عند أستقباله من السمائيين بعد تنفيذه عملية الفداء في الصليب , حيث قيل له :" مستحق انت ان تاخذ السفر و تفتح ختومه لانك ذبحت و اشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة و لسان و شعب و امة " (رؤ  5 :  9) – وما هى هذه الترنيمة إلا صلوات القديسين ؛ البخور العطر الموجود في جامات الذهب التى مع السمائيين ... – وانظر ايضا كما سبق 2كو 5: 15
.. فالهدف الأساسى والرئيس لتواجدنا نحن المسيحيين على الأرض : هو خدمة من سيخدمنا ويجعلنا ورثه : " .. تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم " (مت  25 :  34) ونكون معهُ إلى الابد في ملكوته ونفوذ بأكرام الآب – أسمعوا القديس يوحنا الإنجيلى ماذا يقول في إنجيله على لسان الرب يسوع :" ان كان احد يخدمني فليتبعني و حيث اكون انا هناك ايضا يكون خادمي و ان كان احد يخدمني يكرمه الاب " (يو  12 :  26)
.. فإن كنت مؤمناً بالمسيح , وإيمانك حى ونابع من عمل روحه بداخلك , فأعلم أن الإيمان هو :"جوهر الرجاء , والشهادة بأمور لا ترى " (عب 11: 1)
"اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله"  (2كو  5 :  20)
.. لقد كان أشعياء النبى قديماً ؛ غير مؤهل للأرساليه الإلهية (الموت الإيمانى بالرب) .. فلم يلبى نداء الخدمة .. ولكن بعد أن مس السرافيم ؛ شفتيه بجمرة المذبح , أنتزع أثمة ,  وكفر عن خطيته ... وأصبح اهلاً لان يكون خادماً لله (دخلت إليه الحياة الإيمانية ) , ولذلك عندما سمع صوت السيد الرب ثانية قائلاً : "من ارسل و من يذهب من اجلنا , قال ... هانذا ارسلني "(اش 6: 8)
.. وها هو مذبح العهد الجديد الدائم بجمراته الإلهية والتى تطهر المتقدم لها من كل خطية (1يو1: 7) وتقيمه من موت الخطية : أسمعوا كلام المسيا عن نفسه والافخارسيتا :
""هذا هو الخبز النازل من السماء لكي ياكل منه الانسان و لا يموت . انا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء ان اكل احد من هذا الخبز يحيا الى الابد و الخبز الذي انا اعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم . ........ ان لم تاكلوا جسد ابن الانسان و تشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم. ...... فمن ياكلني فهو يحيا بي "( يو6: 50, 51, 53, 57)
W فهذه الحياة الإلهية الإيمانية ... تستحق أن يصحبها ما قاله أشعياء : هانذا ارسلني ...
فلنقل مع بولس الرسول الخادم العملاق :
"و انا اشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني انه حسبني امينا اذ جعلني للخدمة "
W       الخدمة دعوة , لمحاسبة نفسى ,واكتساب فضائل ؛ والتمتع بحياة الشركة مع الآخرين :
.. مسئوليتى تجاه الأخرين ؛ وخدمتهم ليست فضول منى : فالآخر مرآة ؛ أرى فيها نفسى على حقيقتها ... فبمقدار ما أسعى إلى معرفة الآخر ؛ بمقدار ما أوفق في معرفة نفسى ...
يقول القديس اثناسيوس الرسولى :"الجحيم : هو حالة المرء الذي لا يقوى على أن يخرج من نفسه .. يدور حول نفسه في وحدة قاتمة . إى حال الذي لا يقوى على أن يحب لانه يأبى أن يتجه نحو الآخر في روح شركة ."
.. من هو الآخر ؟        ... هو كل من ليس أنا ...
.. ما موقع الآخر من حياتك ؟   ... هو أكبر قيمة في الحياة .. هو صورة المسيح المحسوسة أمامى (مت 25: 40)
 ... هو أكبر فرصة ؛ لتسويق ثمر عمل الروح القدس في داخلى , ولأكتساب الفضائل واختبارها .....
... هو أكبر أمتحان " اختبار " أمامى ؛ للحب (مت 5: 46 , غل 5: 14) , وللشهادة للمسيح (مت 5: 16) , وللإيمان (مت 15: 28)
W وأيضاً في تعاملى مع الآخر : أحصد من خلال ظلمة : الصبر , وطول الاناة ,  فضيلة الأحتمال .....
... ومن خلال أستهتار الآخر ؛ أكتسب عمق الجدية وصلابة الموقف ...
ومن خلال عنف الرؤساء ؛ نتحلى بالوداعة ونتمتع بحمل الصليب ...
ومن عدم أمانة الآخرين ؛ أن نتمسك بأمانتنا ...
فكما يقول أحد القديسين  : " حامل الأموات يأخذ أجره من الناس , أما حامل (محتمل) الأحياء فيأخذ أجره من الله "
فلا نهرب ؛ بضعفاتنا بالأبتعاد عن الأخرين (الانطوائية) , تحت أعذار أننا قد لا نخطئ أن أبتعد عنهم !!
... ثقوا حتى لو كان الإنسان وحيداً متوحداً , بما أنه هدفاً للشيطان , فأرتكابه للخطأ وارد ؛ مادام طبيعته الفاسدة تحيط بكيانه (رو 7: 24) . الخطأ الأساسى ؛ أننا نجهل ذواتنا !!
Wيقول أحد المفكرين  : " ان قمه مآساة الإنسان؛ إلا يجد معنى لوجوده , فذلك هو الضياع !.. وضياع أكثر , إلا يجد معنى لهذا الكون "
.. فالشعور بعدم الحاجة إلى الشخص أو عدم الرغبة فيه ؛ من أقوى المشاعر الإنسانية  المدمرة له .. فبقدر ما يحتاج الناس إليك ؛ وإلى خدمتك, ويسعون وراءك , بقدر ما تصبح إنساناً منطلقاً متحرراً ومفيداً للوجود ..
.. أن "الذئب المنفرد" , والشخصية المنعزلة , والإنسان المتقاعد , كل هؤلاء يعانون تعاسة لا يمكن وصفها , ولكى يدافعون عن ذواتهم ؛ فأنهم ينطوون على أنفسهم أكثر , وهذا النمو السلبى يحرم الطبيعة المنطوية من نموها الطبيعى , والذي يتمتع به الشخص الذي يبذل ذات نفسه لأجل الآخرين ..
.. فإذا لم تتخلص الشخصية من ذاتها ؛ وتُصبح ذات نفتح للآخرين , فأنها تمرض وتموت !!..
فمجرد شعور الإنسان بعدم الحاجة إليه أو الرغبة فيه يجلب له الخيبة والشخوخة المبكرة والمرض ..
Wلذلك : فالخدمة ضرورية لكل إنسان يُريد الحياة , ولكل مسيحى حقيقي يهدف لدوام الثبات في جسد المسيح , والكرمة التى هى كنيسته .. (يو 15: 2 , مت 7: 19)
W       الخدمة دعوة لملكوت السموات:
" ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم.لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني. عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي   فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك. و متى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك؟ و متى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك؟  فيجيب الملك و يقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم " (مت 25: 34- 40) 
.. ولنا في صاحب الوزنة الواحدة , درساً لا يُنسى ... (مت 25: 24- 30) ..
فالخدمة للأصاغر هى مفتاح ملكوات السموات ..
وضرورية ؛ لصعود سلم العظمة الروحية  , بمفهومها الكتابى , حيث يخبرنا كتابنا المقدس عن الرب يسوع له المجد فيقول :" فجلس و نادى الاثني عشر و قال لهم اذا اراد احد ان يكون اولا فيكون اخر الكل و خادما للكل. فاخذ ولدا و اقامه في وسطهم ثم احتضنه و قال لهم. من قبل واحدا من اولاد مثل هذا باسمي يقبلني و من قبلني فليس يقبلني انا بل الذي ارسلني. " ..... من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما. و من اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا."
(مر 9: 35- 37 , 10: 43-44 , مت 20: 26- 27 , 23: 11- 12)
.. ولإرث الموعيد , فقد جاء أيضاً في الرسالة للعبرائيين ما نصه : " لان الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم و تعب المحبة التي اظهرتموها نحو اسمه اذ قد خدمتم القديسين و تخدمونهم. و لكننا نشتهي ان كل واحد منكم يظهر هذا الاجتهاد عينه ليقين الرجاء الى النهاية. لكي لا تكونوا متباطئين بل متمثلين بالذين بالايمان و الاناة يرثون المواعيد. " (عب 6: 10- 12)
.. للكنز السماوى .. (مت 6: 20)
.. والخدمة أيضاً : تفتح للخادم ؛ علاقة قوية مع الله : فالخادم الحقيقى يتعامل مع الآخر من خلال المسيح ؛ ويتعامل مع المسيح من خلال الآخر (المخدوم)
.. فعدم خدمتى لإخوتى ؛ قد تكون سبب يرفض من اجله الله تقديماتى – يقول الرب في الموعظة على الجبل :" فان قدمت قربانك الى المذبح و هناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك.فاترك هناك قربانك قدام المذبح و اذهب اولا اصطلح مع اخيك و حينئذ تعال و قدم قربانك " (مت 5: 23 , 24)
لأنه :" ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات." (مت7: 21)
".. لان من لا يحب اخاه الذي ابصره كيف يقدر ان يحب الله الذي لم يبصره " (1يو 4: 20)
W أحبائى : أستجابتى لدعوة الخدمة , تجعلنى أتمم مقاصد الله في حياتى على الأرض ... حيث قال الرب بعد قيامته وقُبيل صعوده :" .... كما ارسلني الاب ارسلكم انا "(يو 20: 21)
"فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس. و علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به ... " (مت 28: 19, 20)
هذه خدمة ( ... تلمذوا .................. عمدوهم .................. علموهم ... )
.. " فانواع مواهب موجودة و لكن الروح واحد. و انواع خدم موجودة و لكن الرب واحد ... "(1كو12: 4- 11, رو 12: 6- 21)
Wالله قادر أن يسندنا بعد أن دعانا لخدمة ؛ ويثمر بنا في كنيسته لمجد إسمه القدوس
له كل كرامة ومجد إلى الأبد
أمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق