الأحد، 4 نوفمبر 2012

التمرد و العصيان


+

مراثي ارميا 1:20 ، لو15: 11-32 ، عدد16: 1-35
مقدمة : -
هذا الموضوع ، أيديولوجي أكثر منه شخصي ( جعلوني مجرما ) أي أن البيئة التي يعيش فيها الفرد لها النصيب الأكبر من الإتهام في حدوثه فنحتاج هنا إلي الحوارأكثر من المحاضرة .
     فسوف نأخذ فكرة تفتح لنا غوامض هذا الموضوع ثم نبدأ حوارنا ....
     يرثي ارميا النبي لحالة شعبه ؛ و ما وصلت إليه نفسه فيقول : " أنظر يا رب فإني في ضيق . أحشائي غلت . إرتد قلبي في بطني لأني قد عصيت متمردة .في الخارج يثكل السيف و في البيت مثل الموت"  .                                                                                         (مرا 1 : 2  )                 
 -  " لأن الإبن مستهين بالأب و البنت قائمة علي أمها و الكنه علي حماتها و أعداء الإنسان أهل بيته "                                                                                            (ميخا 7 : 6 )            
- " جيل يلعن آباه ولا يبارك أمه جيل طاهر في عيني نفسه وهو لم يغتسل من قذره . جيل ما أرفع عينيه و حواجبه مرتفعه . جيل أسنانه سيوف و أضراسه سكاكين لأكل المساكين عن الأرض و الفقراء بين الناس ...العين المستهزئة بأبيها و المحتقرة إطاعة أمها تقورها غربان الوادي وتأكلها فراخ النسر ".
                                                                                     (ام 30: 11 – 14 ، 17)
+ التمرد و العصيان  :
صورة من صور عدم التكيف الإجتماعي ؛ الذي يعبر عن عجز الفرد عن التماشي مع قيم و معايير و قوانين المجتمع الذي يعيش فيه ، وبالتالي عجزه عن الأخذ و العطاء بطريقة  راضية مرضيه مع من يتعامل معهم .
مفهوم التكيف :
مستمد اساسا من علم البيولوجيا ، حسب نظرية  " دارون " المعروفة بإسم " نظرية النشوء و الإرتقاء " و التي تقول بأن الكائن الحي يحاول  أن يوائم بين نفسه و العالم الطبيعي الذي يعيش فيه ؛ محاولة منه من أجل البقاء .
       فسلوكه عباره عن ردود أفعال لعديد من المطالب و الضغوط البيئيه فنراه كيف يتكيف مع حر الصيف و كذلك برد الشتاء ...إلخ.
     فالإنسان مثلما يتلائم مع البيئه الكائن فيها يستطيع أن يتكيف مع الظروف الإجتماعية و النفسيه التي تحيط به ، و ظروف الحياه نفسها تدفعه إلي هذا التكيف  . ويساعد علي ذلك ما لدي الفرد من قدرة علي التطبيع الإجتماعي و الذكاء .
- لم يخبرنا السيد المسيح له المجد : في مثل الإبن الضال عن ما هي الأسباب التي أدت بهذا الإبن الي المطالبه بالإنفصال عن أسرته ..و لكن أكيد هناك أسباب لعدم تكيفه مع الأسرة .
و هذا يفهم ضمنيا من اخلاق الإبن الأكبر ..و كيف كان تصرفه و رده عندما إستدعاه اباه لحفل إستقبال أخوه..
+ فعدم صمود الفرد أمام الضغوط الإجتماعية العامه ؛ تدفعه الي رد فعل عكسي ، بما يسمي بالهروب الي الأمام – " طب انا هأثبت لكم اني متكيف و انا الصح " – هذا بدوره يجعله متمردا علي مجتمعه الذي يعيش فيه عاصيا لقوانينه و أحكامه .
وقد يري البعض : أن القلق الذي يعانيه بعض الأشخاص نتيجة لإضطراب وضعهم الإجتماعي     - كأن يكون إنتمائهم لإحدي الفئات الإجتماعية غير واضح تماما أو غير معترف به ..إلخ ( قله ) -أو نتيجه لأي مصدر آخر من مصادر الصراع النفسي .. هذا القلق يكون من الثقل و الضخامه أحيانا  بحيث يعوق هؤلاء الأفراد عن ان يواجهوا ما في واقعهم الإجتماعي من غموض فيتمردون بما يسمي " بالنفور من الغموض " .
و تفضيل ترك هذا المجتمع " هجرة – سفر - ..الخ كما فعل الإبن الضال " – بدون تفكير عميق ، هذه كلها حلول سلبيه ..

+ عوامل تؤثر في عمليتي التمرد و العصيان : لم يضع علماء الإجتماع والنفسانيون، الشخص المتمرد أو العاصي في قفص الإتهام وحده ، كمسئول وحيد عن تمرده ، بل وضعوا معه بجانب العوامل الشخصيه له ، عوامل بيئية داخلية ، و عوامل بيئية خارجية .
أولا : العوامل الشخصية :-  ويندرج تحتها :
+العناصر البيولوجية الشخصية : صفات جسمية – تاريخ مرضي " تبول لا إرادي – مص الأصابع – وقضم الأظافر – أنواع من النقص الحسي – إختلال في التركيب الجنسي " .
+ العناصر السيكولوجية : إختلال أو إهتزاز في الشخصية نتيجة لـــ :
1 - الصراع : نتيجة لتقمص دوراَ  أكبر من إمكانياته
2 - الحالات الإنفعاليه المتقلبه
3 - وجود الحاجه القهرية للطموح و التفوق " السرور لأي تقدير و الخوف من الفشل"
4 - التوتر النفسي الناتج عن رواسب طفوليه قديمه ، أو عوامل مكتسبه حديثة
5 - الإضطرابات النفسية : كالتهيج الهذياني و تغميم الشعور مثل " الهوس ، و الإنقباض والقلق  و الخلط ، و النفور المفاجئ من الأقارب ، و الهلوسه ، و إضطرابات الكلام " .
6 -  ظهور ميول و إتجاهات شارده ؛ كعرض مبكر لمرض نفسي ، فقد يتجه الي العزله و الإنطواء أو يتجه إلي التدمير و الرغبه في الإيذاء – وقد تجتاحه ميول قويه تتمثل في حب الظهور و التعبير عن الذات – وبهذا يتخذ إتجاهات لا إجتماعية بصورها المختلفه .

ثانيا : العامل البيئية الداخلية :-
أ-  العلاقة بين الأبوين : لا تخلو حياة الأسرة من الإحتكاكات البسيطة التي تمر بين الحين و الآخر ، هذه الخلافات لا تعتبر في حقيقتها جرثومة هدم تعرض حياة الأسرة للخطر ما دامت لا تمس أيديولوجية الأسرة ، و لا تتناول دعائم التوفيق الأسري .
      أما الخلافات الهدامه فهي تتناول المعايير والقيم التي يرسمها كلا الزوجين مثل :
- الخلافات العقائدية و الدينية .
- الخلافات الناشئة عن تفاوت المستوي الطبقي والإجتماعي .
- الصفات الشخصية المتوارثه.
- أو حتي خصائص البناء الجسدي .
     فآثار استمرار الحياه الزوجية المضطربة تنعكس علي الأولاد - إذ أن آثار الخلاف بين الزوجين يظهر في واحدة أو أكثر من الصور الآتية : -
1 - تنازع الولاء للأسرة ككل – وتأرجح الأولاد : إلي أيهما ينتمي .
2 - ضياع وظيفتي الأبوين " سُلطة ، وعطف " مما يتأرجح معه الأبناء فينتمون إلي الأكثر عطفا ؛ " ليشبع عاطفيا " – و من ناحية أخري – ينحل أخلاقيا لغياب الضغط الإجتماعي .
3 - ظهر أن نسبة كبيرة من حالات المروق " التمرد " و التشرد ، توجد لدي أولاد الأسر المضطربة او المحطمة ، بسبب الهجرة أو الطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما أو غياب الأب للعمل بالخارج أو مرض أحدهما لمدة طويلة .
4 - سوء المعامله أو الإفساد في الأسرة و الإباحيه  مثل :
*عدم إحترام و تقدير العادات و التقاليد المجتمعيه .
* خفوت القيم الروحيه أو إنعدامها .
* إنهيار معاني العفه و تغليب الغرائز .
* الإنصراف عن الإلتزامات الأسرية و الأنانية .
* عدم تقديس المعاني الوطنيه
* إستباحة الإستيلاء علي حقوق الآخرين أو تحطيم مصالحهم و سمعتهم بقصد التشفي .
* الهروب من الواقع الإجتماعي ..، و محاولة تقليد ومحاكات نماذج معينه في مجتمع آخر .
* هبوط مستوي القوي الضابطة في الأسرة .

ب – الأحوال الإقتصادية للأسرة : -
     ومع ذلك لا يعني ان الفقر يؤدي بالضرورة الي التمرد أو العصيان ، إلا إنه يتفاعل مع غيره من العوامل الأخري . فلابد من أهمية الإستقرار المادي للأسرة مع القناعة و التقوي – اللتان بدونهما يمكن للأسرة أن تهتز تحت تأثير الحرمان من الضرورات المادية اللازمة لثبات وأستقرار الحياة الإنسانية اليومية .

ثالثا – العوامل البيئية الخارجية : -

     الحديث عن العوامل البيئيه الخارجيه ينبغي أن يدور في فلك العوامل الأخري ، سواء كانت شخصية ، أو بيئيه داخليه...أما إذا أردنا تحديد معالم العوامل البيئية الخارجية فأهمها : -
* المسكن من حيث المساحة بالنسبه لعدد الأفراد .
* الطابع الأيديولوجي الذي يأخذه الحي و مؤثرات الجيره .
* المدرسة أو الكلية و أنظمتها .
* العمل و طبيعته و ظروفه .
* الأصدقاء و الزملاء .
* الترويح الإعلامي الموجه ، و الترويح التجاري اللاسوي ، و الترويح السلبي..
* التشريعات المنظمه ، والأحكام العامة .
* التحضر و التصنيع ، و الهجرة .
* الكساد والأزمات الإقتصادية .
* الحروب وآثارها في نفس الأفراد .
+ و من ناحية اخري ، قد أجمل أحد العلماء المحدثين أسباب التمرد فيما يلي :-
1- عدم الإستقرار الإجتماعي للمجتمع نفسه .
2- كثرة الحروب والقتالات أنمت ظاهرة الخوف في الأفراد .
3- زعزعت الأمان و الأمن في المجتمع الشرقي .
4- التفكك الأسري ....و الإستقلاليه المرضيه عن روح الأسرة الواحده .
5- ضعف الايمان ..و عدم الثقه في الله .
6- إنتشار تجار الأديان واللعب بالعقيده .
7- الإدمان القاتل ....و تكاليفه الباهظه و البحث عن مورد سخي .
8- الأمراض النفسيه الحديثه نتيجة للضغوط المختلفة.
9- الأزمات العامه ؛ ولاسيما الإقتصادية .
10- ضياع أهداف المعيشه .

      هذا و من الناحية الروحيه ، قد يأتي التمرد و العصيان نتيجة لـــ :-
1- الفتور الروحي : نتيجة لضعف أو جفاف ثمر الروح في الإنسان .
2- قصور و إقتصار إستخدام الوزنات و المواهب الروحيه  ، " الخدمه...لمين..".
3- عدم الإستفادة من خبرات و تراث آبائنا الأولين .
     و هذا أيضا يكون بسبب المعاشرات الرديه ،  الفراغ ، عدم وجود مرشد روحي  .

+الخلاصة :
     يمكننا أن نتبين مما سبق : أن التمرد و العصيان سواء كان نتيجة لإضطراب في الوظائف الفسيولوجية ، في شكل عصاب أو أذهان ( اي مرض نفسي ) ، أو نشأ عن عوامل بيئيه داخلية أو خارجية – ليس من المرء أي محاولة لحل الصراع !!!
     فلابد من البحث وراء مصادر الصراع بين الرغبات و بين العقبات التي تحول دون إشباعها ، و العمل علي التوفيق و التوضيح بينهما .

+ مضاعفات التمرد و العصيان : -
     قد يصل بالفرد غالباً إلي سوء التكيف الذاتي الذي يظهر في الصراع الداخلي للإنسان، وعدم الإستقرار النفسي ، و فقدان السلام الداخلي  ( عدم تقبل الانسان لنفسه )
 أي يكون الإنسان دائما ً في حالة من عدم الرضا والقناعه ( شعور بالنقص ) ، – أو شعور بالعظمه – ، و أحياناً ما تقوده الأولي الي إحتقار ذاته ؛ مما يدفعه في بعض الحالات الي الإنتحار ،  وقد تقوده الثانية إلي الذاتيه " السيكوباتيه " ، و إحتقار الآخرين والإستهتار بهم ؛ مدفوعاً بمصالحه الشخصية ، دون النظرالى مصالح أو مشاعر الآخرين ( انا ومن بعدي الطوفان ).
هذا بالنسبه للفرد – أما للمجتمع : فالتمرد و العصيان ، يحدثان شرخاً في المجتمع يصعب التئامه !!!




الأحد، 7 أكتوبر 2012

الصليب والسراب الخادع


شعورى كالتعدى ,كفاعل شر لاتفارقنى , ذبنى أكثر مما يحتمل ... لقد ارتكبت جرائم , وهيهات لعدالة الأرض أن تنال مني بشئ ! أمثالى كثيرون , ممن يمتهنون فن الخداع , على قيد الحياة بعيداً عن سلطانها ! بينما أتقياء وأبرياء مطروح
ون في جوف السجون !

يا الهى .......... 
أشعر بكيانى يهتز , كمن أصيب بلعنة الفراعنة .. أمريض أنا بالإيدز؟ .. داء معدى ليس له دواء .. إننى أخشى الاقتراب من الناس , ولا سيما ممن أحب , خوفاً عليهم منى .. فهربت لعلك سامحتنى .. ولكن , أين لى أن أسامح نفسى ؟! .. أنها الخطية , جاهدت كثيراً حتى أرفض الماضى , أدفعه في بحور النسيان , أمزق كل ما يتعلق به .. لأفتح صفحة جديدة من سنى ناصعة , دون غبار .. لا جدوى ! لقد هربت من نار الماضى خوفاً من الاحتراق , وارتميت في أحضان نهر الحاضر لأروى ظما نكبتى في لجة هموم مستقبلى !
عجبي !..
أفكارى أصبحت سطحية ساذجة .. كاحلام الطفولة في اقتناء كل ماهو خيالى .. وأتساءل عن الإنسان القديس الصالح فى وسط براكين الشر التى نسبح فيها .. فلا مجيب وأننى متأكد أننا نتآمر عليه لنقلته إذا علمنا بميلاده .. أذهبوا المجوس فلا تعودوا لتخبرونا عن أماكن القديسين .. فكلنا هيرودس نأبى أن نسجد له .
أننا أبناء قتلة الأنبياء , والقديسين والشهداء .. تاريخنا ملطخ بدمائهم الطاهرة , فورثنا ذلك عن آبائنا .. أننى لا أنكر .. فترانا تحت تاثير الدوافع الكاملة في داخلنا , نمثل بجثث الآخرين .. إنها الأنانية , نريد أن نحيا على الأرض وحدنا .. والكل نسخره لأهوائنا .. شعارنا : أنا ومن بعدى الطوفان ! لقد امتلأت الأرض من حروب الأنا .. ألعلةُ في الإنسان , والمشكلة , كيف تعاد صناعته من جديد ؟.. متى تتغير طبيعته التى أفسدها بإراديه ..
ماذا أصابني ؟!
إننى أفقد احترام الآخرين لى .. أحطم شخصيتى بسلوكى المشين .. فأمام نظرتها المغرضة التى كانت ترمقنى بها , كنت ازداد اقتراباً من القبر . وبعد الاحتكاكات المستمرة التى كانت تنصبها لاصطيادى .. ترتفع رائحتنى الكريهة ! هيهات .. فأنا لست تلك الفراشة , التى يبهرها نور المصباح , وسرعان ما يصعقها نيرانه .. أبدا لم يكون .. ولن يكون ! ليتك يا من خلقتنا , تترك كرسى عرشك وتنزل بيننا .. تتمشى ليس في جنة عدن ولكن في أرضنا , تسمع , وتبكى .. وترى , ماشوهته الخطية فينا , وما قدمه الشر لنا . فالحب يحتضر , والمحبة صامتة .. والطاعة والتواضع جعلوا من اصحابهم مسخرة! إننا نعيش في جهنم التى صنعتها يدانا , وأتقنا في إشعالها ! أمامنا التكالب على الباطل , والسراب الخادع , وخلفنا الفردوس المفقود !.. من سيكتشفه لنا ؟! 
أحمال ...
لقد امتلات أرضنا جماجم , وجثث الأحياء لا مشاعر لها ! أشلاء المظلومين تحكى المظالم , ودماؤهم تروى حقولا لا طائل لها ! لقد زهدت الجمال الذي أبدعه الخالق بأنامله , وتغازل الشعراء في محاسنه ! فالورد جرحته أشواكه , فصار ينزف دما, والصحراء ازدحمت باقدام المغرضين فتاهت عن هدف وجودها ..
أين أنت يا الله ؟ 
.. ثقتى فيك , إن أردت تقدر أن تفعل .. فكل خطايا البشرية , إذ ذابت في لجة محبتك الفياضة , كأنها حفنة من طين ألقيت في محيط عميق لا حدود له ! .. لقد فاض في العيون دموع .. وأدمت في القلوب جروح , عبثاً أن تلتئم .
يا الهى .......... 
هل تتمتع بجرائم البشر ؟! .. هل يعجبك من يعتلون المناصب على حطام أصحابها ؟! هذه مشيئتك .. والا , لم تكن . إنه الصليب ..
عبء الحياة الذي يثقل كاهل المجاهدين , يحملونه ويرتقون به الجبال الوعرة سعياً إلى الخلاص ! فقد يظهر للجاهل , أن الصليب انتصار لقوى الشر .. كلا .. فذلك في فهم الهالكين .. ولكن : الصليب مفتاح لقوة قيامة الحياة الأبدية , وانبثاق أمل إتمام الخلاص .. أكتفى بالقول , إن الإنسان صورة الله في كيان من أجمل ما وجد في عالم الماديات فهو نفخة من روح الله .. فلا يُعرف الإنسان إلا من خلال الله , ولا يفهمه أحد إلا من يستنير بنور شعاع الله . فالإنسان لغز , وسيظل كذلك , طالما أحجب عنه ذلك الطابع المميز الذي أعطى إليه مباشرة عند تكوينه : "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا " (تك 1: 26)
ولكن ....... رجاؤنا
" اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. و كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر." (1يو 3: 2-3)

الأحد، 22 يوليو 2012

تجسد السيد المسيح ..عقيدة مسيحية (1يو:1-3)


+
تجسد السيد المسيح ..عقيدة مسيحية
(1يو:1-3)
لو سألتكم سؤال .. أكيد ستكون الإجابة طائفية مَنْ خلص البشرية ؟
هناك ثلاث مراحل لخلاص البشرية " من قصاص الموت الأبدى - وفساد
الطبيعة " :
1- مرحلة التدبير ( التدبير الإلهى ) .       2- مرحلة التنفيذ ( الفداء الإلهى ) .
3- مرحلة التتميم ( الخلاص الإلهى ) .
والثلاثة يشارك فيها الإنسان والله .. الأنبياء – السيدة العذراء – ومن يريد الخلاص .
1- الآب : دبر الخلاص منذ سقوط آدم من خلال العهد القديم والأنبياء (الخلاص الالهى) ، ومن حبه بذل إبنه الوحيد من أجلنا ، فأرسل :
2- الإبن : ( عقله وفكرته ، وتدابيره ) لينفذ عملية الخلاص ، فتجسده فى ملء الزمان ماراً بالصليب والقيامة والصعود وسيأتى ويدين المسكونة بالعدل فى نهاية الدهر ، مُغيراً لطبيعة الإنسان الفاسدة ، وبصعوده أرسل :
3- الروح القدس : المنبثق من الآب ليتمم الخلاص فى المؤمنين ، منذ حلوله فى يوم الخمسين على التلاميذ والجمع وتأسيس الكنيسة إلى المجئ الثانى ، ويسكن فى المعمدين للمسيح ولكن : ..
كما يقول قديسنا أثناسيوس : الآب يعمل كل شئ بالإبن فى الروح القدس .
هكذا نرى فى عملية التجسد " ميلاد المسيح " كما قال الملاك للعذراء : " الروح القدس يحل عليكى وقوة العلى تظللك فلذلك القدوس المولود منك يدعى إبن الله " ( لو 1 : 35 ) .
وهناك ثلاثة اصطلاحات أيضاً فى الحياة المسيحية لابد لنا أن نعرفهم فى علاقة الإنسان بالله :
1- الإيمان : وهو الثقة الكاملة فى الله .. هو جوهر ما نرجوه ، والشهادة بأمور لا ترى " لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان " (2كو 5: 7) .
2- العقيدة : اعتقادى فى هذا الإله " ما هو ؟ " وأهم عقيدتين :
                 أ- إلهنا إله واحد مثلث الأقانيم .
                 ب- وهو الإله المتجسد فى ملء الزمان ، لكى يفدى الإنسان ، كما يقول آباء مجمع أفسس " إلهنا تجسد وليس هو إنساناً تأله " ، كذلك يقول القديس البابا كيرلس الأول ( عمود الدين ) " الطبيعة الواحدة المتجسدة للإله الكلمة" .
3- الطقس : وهو نظام العبادة لهذا الإله .. وهو مرن حسب أيدلوجية المجتمع " عادات وتقاليد " .
+ فتجسد السيد المسيح له المجد وفدائه للبشرية :
عقيدة مهمة جداً من عقائد المسيحية ، بل وحتمية لخلاص المسيحيين ، فكما يخبرنا القديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات فى قداسه ، حيث يقول فى صلاة الصلح للإبن : " .. وعندما سقط ( أى الإنسان ) بغواية العدو ومخالفةوصيتك المقدسة أردت أن تجدده وترده إلى رتبته الأولى ، لا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا رئيس آباء ولا نبياً إئتمنته على خلاصنا ( هنا بدأت المرحلة الأولى فى خطة خلاص الإنسان - مثل إنسان ما أراد أن يرسم صورة موجودة فى فكره :
1- أعد لها كل شئ .                         2- تجسدت كل أفكاره فى هذه اللوحة
3- أعطاها هدية منحة لمن يحب ..) ، بل أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا فى كل شئ ما خلا الخطية وحدها ، وصرت لنا وسيطاً  لدى الآب ، والحاجز المتوسط نقضته والعداوة القديمة هدمتها .. "





( المرحلة الثانية للخلاص وجاءت العذراء فى ملء الزمان وتجسد الإبن )
+ ما مفهومنا عن تجسد المسيح له المجد " الكلمة " ؟ .. كيف يكون يسوع إنساناً وإله فى آنٍ واحد ؟
وكذلك يخبرنا الروح القدس على لسان معلمنا يوحنا البشير ، إذ يقول فى بداية إنجيله " فى البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله .. والكلمة صار
( إتخذ ) جسداً وحل بيننا " ( يو 1 : 1 – 3 ) .
وعلى لسان معلمنا بولس الرسول يقول : " عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر فى الجسد " ( 1 تى 3 : 16 ) .
فالسيد المسيح له المجد ( المونوجينيس ) هو الله ، ويسمى أيضاً " إبن الله ، كلمة الله ، عقل الله ، حكمة الله " ، شخصية فريدة لا أحد قبله ولا مثله .
ويؤكد ذلك القديس أثناسيوس الرسولى ويقول : " أن يسوع المسيح هو الله ذاته ، الابن الحقيقى للآب بالطبيعة والأصل والجوهر .. الابن الوحيد وحكمة الله وكلمة الله الوحيد ذاته ، وهو ليس من المخلوقات أو المصنوعات ، بل هو مولود حقيقى من جوهر الآب ، لذلك فهو الله نفسه ، وهو واحد الجوهر مع الآب نفسه "
+ لا أستطيع أن أفصل ( أجعل أحدهما محدوداً ) .
+ لا أستطيع أن أَحدّ
+ لا أستطيع أن أُدمج
فكرة سريعة عن الثالوث المقدس :
الآب : أصل الوجود يملأ الكل .
الابن : العقل ( عقل الله الناطق )
الروح القدس : حياة الله ، باعث الحياة .
لا أستطيع ان أفصل
لاأستطيع أن احد
لاأستطيع ان أدمج
وكما ورد فى قانون الإيمان الذى وضعه الآباء فى مجمع نيقية المسكونى الأول سنة 325 م حيث يقولون : " بالحقيقة نؤمن بري واحد يسوع المسيح ، ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور ، إله حق من إله حق ، مولود غير مخلوق ، مساو للآب فى الجوهر ، الذى به كان كل شئ هذا الذى من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا ، نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس ... "
+ لقد جاء هذا القانون ثمرة لمجمع نيقية المسكونى ، بعد أن تجاسر ( آريوس الهرطوقى ) وطعن فى ألوهية وأزلية الإبن – السيد المسيح له المجد – مدعياً أنه أقل من الآب وغريب عن جوهره ، وأنه مخلوق كسائر المخلوقات – أى بمعنى آخر - : أنه جاء وقت لم يكن فيه الابن موجوداً ( كما يزعم آريوس ) فعقد له مجمع بنيقية سنة 325 م ( أول معركة لشعب الله فى العهد الجديد بقيادة الشماس أثناسيوس – قارن بينها وبين أول معركة لشعب الله فى العهد القديم (تك 14 : 9) بقيادة إبراهيم أبو الآباء ) وحضره 318 أسقفاً من أساقفة العالم كله – فى وجود الملك البار قسطنطين وكذلك حضر المجمع ( وهذه مشيئة الروح القدس ) الشماس أثناسيوس السكندرى الذى كان يصاحب البابا ألكسندروس الـ 19 فى هذا المجمع – وقد برع فى الرد على هذا الهرطوقى – وكان له باع كبير فى وضع قانون الإيمان الذى نحيا به حتى الآن ..
+ لقد تأثر آريوس بفلسفة الوثنيين ولا سيما أفلاطين الأسيوطى ، فيلون الأسكندرى ( 30 ق. م – 50 م ) هذا الأخير الذى يُفسر كلمة اللوغوس بمعنى الكائن المتوسط بين الله والعالم .
+ لقد صار التجسد الإلهى ، عقيدة كتابية ، آبائية ، ثابتة وراسخة فى أذهان المؤمنين بالمسيح لا يستطيع أحد – بأى طريقة كانت – أن يفصلهم عن إيمانهم ولو أدى ذلك إلى الاستشهاد والموت .
ولكن ..
+ قد يتساءل البعض قائلين : هل ولادة السيد المسيح من العذراء مريم هو بدايته تاريخياً ؟





وللإجابة على هذا السؤال فلنسمع ما يلى :
+ الابن فى الآب منذ الأزل : فكما ورد أيضاً فى قانون الإيمان عن السيد المسيح له المجد أنه : " .. مولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور ، إله حق من إله حق .. "
ويقول القديس أثناسيوس الرسولى : " .. ابن الله يدعى بحق أنه مولود من الآب منذ الأزل وهو لا يولد كما يولد الإنسان من الإنسان حتى يعتبر أن وجوده بعد وجود الآب ، ولكنه هو مولود من الله ، لكونه الابن الذاتى لله الذى هو موجود منذ الأزل .. " (مثل الفنان - كما سبق وقلنا - ، يجسد فكرته فى اللوحة التى أمامه ولكنها مازالت فى عقله وفى رأسه ) .
ويقول أيضاً : " أن الولادة الإلهية لا يجب أن تقارن بطبيعة البشر ، والابن لا يجب أن يُعتبر جزءاً من الله ، كما أن الولادة لا تعنى أى نوع من الشهوة على الاطلاق ، فالله ليس إنساناً لأن البشر يولدون بالشهوة بحكم طبيعتهم المتغيرة التى تنتظر حتى زمان الولادة نظراً لضعف هذه الطبيعة ، ولكن الأمر ليس هكذا بالنسبة لله ، لأن الله ليس مركباً من أجزاء ، بل إذ هو بسيط  وبلا تغيير فإنه أب للابن بلا تغيير ولا انفصال " ( مقالته ضد الآريوسيين 1 : 9 ) .
ويقول أيضاً عن السيد المسيح له المجد : " هو وحده المولود الوحيد ، وهو وحده فى حضن الآب (يو1: 8 ) وهو وحده الذى يعترف به الآب ويقول عنه :
" هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت " ( مت 3 : 17 ، مر 9 : 7،8 ) ( فى دفاعه عن نيقية 11 ) .
  يقول معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح له المجد :
قوة الله وحكمة الله ( 1كو1 : 4 )
ويكمل لنا هذا الكلام القديس يوحنا الرسول حيث يقول : " هذا كان فى البدء عند الله ، كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان ، فيه كانت الحياة .. " (يو 1: 2 – 4) ، وعندما سأل توما الرسول السيد المسيح عن الطريق قال له يسوع : " أنا هو الطريق والحق والحياة ، ليس أحد يأتى إلى الآب إلاّ بى . لو كنتم عرفتمونى لعرفتم أبى أيضاً ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه . قال له فيلبس : يا سيد أرنا الآب وكفانا . قال له يسوع : " أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفنى يا فيلبس . الذى رآنى فقد رأى الآب ، فكيف تقول أنت أرنا الآب . ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىّ " ( يو 14 : 6 – 10 ) . ( راجع أيضاً يو 17 : 10 ، 11 ، 21 ، 22 ، 23 ) .
+ وهنا نسأل نحن الهرطوقى آريوس قائلين له : هل يعقل أن يكون الله الآب فى وقت ما بدون قوة ولا حكمة ولا كلمة أو عقل ؟ حاشا لله أن يكون هكذا ..
إذن الآب فى الابن ، والابن فى الآب منذ الأزل . وكيف يكون الآب آب بدون ابن ! ؟
+ وأما عن التجسد الزمنى للسيد المسيح له المجد : " .. لما جاء ملء الزمان أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة مولوداً تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى " ( غل 4 : 4 ) فيقول الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح : " ويؤمن المسيحيون أنه إلى جانب كون المسيح إبن الله الحى ( مت 16 : 16 ) ، أنه هو الله الظاهر فى الجسد " هو الله الذى لم يكن منظوراً فى العهد القديم وصار منظوراً فى العهد الجديد فى المسيح " ( 1يو 1: 1 ، 2 ) .
+ وهناك ثلاثة تحفظات فى فهم التجسد : ( عن كتاب لاهوت اللوغوس – للقمص سيداروس عبد المسيح ص 136 )
1-    ليس التجسد ظهوراً كالظهورات التى تمت قبل التجسد ، وإنما التجسد اتحاد بين الطبيعتين فى طبيعة واحدة .. فقد ظهر الله لإبراهيم فى صورة رجل يأكل ويشرب ويتكلم ويتحاور ( تك 18 : 1 – 33 ) ، ولك يكن هذا تجسداً بل ظهوراً فى هيئة جسدانية وصورة جسمانية موقوتة بانتهاء غرضها .. وكذلك ظهوره لموسى فى العليقة .
2-    ليس المسيح إنساناً تأّله بل هو إله تجسد ( 1 تى 3 : 16 ) : فنحن لا نعتقد فى المسيح أنه ترقى من إنسان إلى إله (كما يدعى نسطور ) ، بل نحن نرى فى المسيح إلهاً تنازل فصار إنساناً ( يو 1 : 1 – 14 ، فى 2 : 6 – 8 ) .
3-       لا تغنى كلمة التجسد عن كلمة التأنس ، فالمسيح لم يتجسد فقط ولكنه " تجسد وتأنس وعلمنا طرق



الخلاص منعماً لنا بالميلاد الفوقانى من الماء والروح ، وجعلنا له شعباً مجتمعاً ، وصيرنا أطهاراً بالروح القدس "
( القداس الباسيلى ) وفى هذا خير رد على مبتدع مثل أبوليناريوس ( كان أسقفاً لللاذقية ، قاوم الآريوسيين - وسقط فى بدعة إذ كان يعلم بأن لاهوت المسيح قد قام مقام الروح الجسدية وتحمل الآلام والصليب والموت مع الجسد ، وكان يعتقد أيضاً وجود تفاوت بين الأقانيم الثلاثة منادياً بأن الروح عظيم والابن أعظم أما الآب فهو الأعظم ففند القديس أثناسيوس الرسولى هذه البدعة فى مجمع مكانى سنة 362 م ومات أبوليناريوس كمداً سنة 390 بعد حرمه  تعاليمه وأتباعه الهراطقة فى مجمع القسطنطينية المسكونى - انتشرت بدعته فى بلاد العرب بين المؤمنين
هناك "
+ ولذلك ينصحنا معلمنا يوحنا قائلاً : " أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله ؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم . بهذا تعرفون روح الله ، كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء فى التجسد فهو من الله ، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء فى الجسد فليس من الله .. " ( 1 يو4 : 1-3 ) .
+ ويقول معلمنا بولس الرسول : " .. لما جاء ملء الزمان ( كمال الزمن ) أرسل الله ابنه مولوداً من إمرأة مولوداً تحت الناموس ليفدى الذين تحت الناموس لننال التبنى " ( غل 4 : 4 ،5 ) هنا توضح الفرق بين الابن الوحيد وبكر بين إخوة كثيرين . " .. فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً ، الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله ، لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس ، وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت . موت الصليب " ( فى 2 : 5 – 8 ) .
+ فالمسيح إذن إنسان كامل ، وإله كامل ، فتجسده لم يؤثر على قوة لاهوته أو يتنقص منه شئ ، وألوهيته لم تلغى طبيعة ناسوته ( الإنسانية ) فهو طبيعة واحدة من طبيعتين ( نرى ذلك واضحاً فى معجزاته " لكى يأخذ ضعفاتنا ويعرضها على الله ، ويأخذ من الآب الخلاص ويمنحه لنا ويصالحنا معه .." ) مثلما نحن عندما عُمدنا وثبت الروح القدس فينا بالميرون ، لم نفقد طبيعتنا البشرية ، وهكذا السيد المسيح له المجد عندما تجسد وتأنس لم يؤثر على طبيعته الإلهية بل كان برهاناً على قدرته السرمدية " هوذا العذراء تحيل وتلد إبناً وتدعو اسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا " ( مت 1 : 23 ) .
+ فى كتاب تسبحة نصف الليل ورد فى مرد ثيئوطوكية الخميس حيث يقول المسبحون : " لم يزل إلهاً حتى صار ابن بشر ، لكنه هو الإله الحقيقى أتى وخلصنا" .. هذا ما قاله القديس أثناسيوس الرسولى ولخصه فى جملة صغيرة هى " أنه كان ومازال إلهاً " .
+ لم يصر الله جسداً بل اتخذ جسداً فأصبح طبيعة واحدة من طبيعتين " الله المتجسد " فهو ليس إنساناً كسائر البشر وإن كان قد أخذ جسداً بشرياً مثلهم ، ولكنه فى الحقيقة هو الله الكائن منذ الأزل " .
+ لقد قال القديس كيرلس الكبير فى شرحه لتجسد الابن الوحيد : " الكلمة الذى من الله الآب " المولود من الآب " دُعى إنساناً رغم كونه بالطبيعة الله ، لأنه اشترك فى الدم واللحم مثلنا (عب 2 : 14 ) .. أن الله أخلى ذاته دون أن يمس هذا بطبيعته لأنه عندما أخلى ذاته لم يتغير إلى طبيعة أخرى ، ولم يصبح أقل مما كان عليه لأنه لم ينقص شيئاً ، هو غير متغير مثل الذى ولده الآب ولكن عندما صار جسداً أى إنساناً جعل فقر الطبيعة البشرية فقره " . فعندما يريد رجل كبير أن يوصل فكرة معينة للأطفال " يستعيل " أى يجعل نفسه طفل - هذا لا يلغى أنه مازال رجلاً .
ويوضح ذلك أكثر القديس أثناسيوس الرسولى فى كتابه الرابع ضد الآريوسيين حيث يقول : " .. حين قيل أنه جاع .. إلخ فإنه كان يأخذ مالنا ويقدمه للآب متشفعاً من أجلنا لكى يبطل هذه الضعفات فى نفسه ، وحين قال " دُفع إلىّ كل سلطان " وقبلت ، وحين يكتب بولس الرسول : " لذلك رفعه الله " (فى 2 : 9 ) فهذه كلها عطايا من الله معطاة لنا من خلاله لأن الكلمة " لم يكن معوزاً لشئ " لأن السبب فى كونه صار إنساناً كان هذا أن ما قد أُعطى له ينتقل منه إلينا ، لأن الإنسان العادى لم يكن مستحقاً لقبول مثل هذه العطايا ، كما أن " الكلمة " وحده لم يكن فى حاجة إليها " أى أن الله كان فى المسيح مصالحاً العالم نفسه غير حاسب لهم خطاياهم .. " (2كو 5: 19) لذا اتحد الكلمة بنا ، وعندئذ نقل إلينا قوته ورفعنا ولهذا فكما قيل عن أى شئ أنه أُعطى للرب ، ينبغى أن نعتبر أنه قد أُعطى ليس لمن هو فى احتياج إليه ، بل أُعطى للإنسان من خلال الكلمة ... وهنا يوضح لنا أهمية الافخارستيا ( التناول ) .
+ وفى كتابه الأول ضد الآريوسيين يوضح القديس أثناسيوس الرسولى فى الفصول 40 – 50 حقيقة ما يلى




وذلك لشرح ما جاء فى ( فى 2 : 9 ) قول معلمنا بولس الرسول " لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه إسماً فوق كل إسم "
عبارة رفعه هذه لا تعنى أن جوهر الكلمة قد ارتفع لأنه كان دائماً وما يزال مساوياً لله ولكن الارتفاع هنا لبشريته ، ولهذا فلم يكن يُقال ذلك من قبل ، بل بعدما صار الكلمة جسداً فقط لكى يصيرواضحاً أن التعبيرين وضع نفسه وارتفع ،ذكرا عن إنسانيته ( أى كان نيابة عنا ) .
+ الخلاصة ..
كل ما يعمله الآب ويعطيه إنما يعمله للبشر من خلال الابن . إلا أنه كإبن الإنسان يُقال أنه ينال كما ينال البشر ولكنه يناله من ذاته أى لاهوته .. " وصار لنا وسيطاً مع الآب ، والحاجز المتوسط نقضته " فقد لبس الجسد البشرى المخلوق لكى بعد أن يُجدده كخالق؛ فإنه يؤهله فى نفسه ، وهكذا يدخلنا إلى ملكوت السموات على مثاله . " إذا أُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو " ( 1يو3 : 2) " وهو الطريق إلى الآب " ( يو 14 : 6 )
الكلمة لم يصر جسداً كإضافة تُزاد على الألوهية بل لكى يمكن للجسد أن يقوم من الموت .. الجسد البشرى هو نفسه الذى نال إضافة عظيمة نتيجة شركته واتحاد الكلمة معه .. فعوض أنه كان مائتاً صار غير مائت ، وبالرغم من كونه جسداً حيوانياً صار روحانياً ، ورغم أنه جُبل من الأرض فقد دخل من أبواب السماء ، كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا المواعيد العظمى والثمينة لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذى فى العالم بالشهوة " ( 2بط 1: 4 ) " أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى " ( فى 4 : 13 ) .
وفى تشبيه القديس أثناسيوس للتجسد بالشمس التى تشرق على القاذورات وتطهرها ولا تتدنس هى ،  قال : " بل الأولى جداً كلمة الله الكلى القداسة ، بارئ الشمس وربها ، لم يتدنس قط بمجرد ظهوره فى الجسد ، بل العكس فلأنه عديم الفساد فقد أحيا وطهر هذا الجسد الذى كان فى حد ذاته قابلاً للفساد .

+ دور ومكانة السيدة العذراء مريم فى تجسد الكلمة الإلهية " الرب يسوع " :
+ نجد فى ثيئوطوكية الأربعاء امتداداً لفكر القديس كيرلس الكبير "عمود الدين" فى هذه الثيئوطوكية تتصف العذراء بالخدر وهو موضع العرس الذى تم فيه بين البشرية والعريس الإلهى " الابن " فيقول المرنم : " السلام للخدر المزين بكل نوع الذى للختن الحقيقى الذى اتحد بالبشرية " ، فى نفس الثيؤطوكية يكرر قائلاً : " الخدر الطاهر الذى للختن النقى .. " ، وفى ثيؤطوكية السبت القطعة الثالثة : نجد لفظ الخدر يطلق على السيدة العذراء ..
فالسيدة العذراء مريم لا تعتبر هى العروس – كما يزعم البعض – بل هى خدر العرس أى الموضع الذى قدسه الروح القدس لكى يتم فيه العرس الإلهى بين السيد المسيح له المجد والبشرية كلها فى الناسوت الذى أخذ منها بفعل الروح القدس .
ولذلك نتكلم بصيغة الجماعة فى ثيؤطوكية الجمعة ونقول : " هو أخذ جسدنا.. وأعطانا روحه القدوس .. وجعلنا واحداً معه.. من قبل صلاحه .. هو أخذ الذى لنا ..وأعطانا الذى له.. نسبحه ونمجده .ونزيده علوا ً " .
+ فالسيد المسيح له المجد ، لم يخل ذاته متجسداً لكى يملك الأرض ويعيش معنا عليها إلى الأبد فقد قال هو بنفسه " مملكتى ليست من هذا العالم " ( يو 18: 36) بل هو جاء خصيصاً ليرفعنا إلى مجد ملكوته حيث يقول فى إنجيل يوحنا الحبيب : " أخذكم إلىّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً " ( يو 14: 3 ) ،
 وفى صلاته الشفاعية يقول للآب : " أريد أن هؤلاء الذين أعطيتنى يكونون معى حيث أكون أنا " ( يو 17: 24) ويقول أيضاً : " وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىَ الجميع " ( ( يو 12 : 32 ، أنظر أيضاً 1 تس4 : 17 ) . كل هذا تفنيداً ضمنياً للملك الألفى الأرضى .
+ ولذلك نجد القديس أثناسيوس يقول فى مقاله ضد الاريوسيين 2 : 70 : "هكذا إتخذ لنفسه جسداً بشرياً مخلوقاً لكى يجدده بصفته هو خالقه ويوَّحده مع الله فى نفسه ، وهكذا يقودنا جميعاً فى إثره إلى ملكوت السموات فلم نعد بعد مجرد تراب مزمعين أن نعود إلى التراب ، بل قد صرنا متحدين بالكلمة السماوى الذى سيرفعنا معه حتى إلى السماء ".
كل هذا تفنيداً ضمنيا للملك الألفى ..، فقد جاء لينقذنا مما نحن فيه ، فكيف نغرقه معنا فى الحياة على الأرض !!






+ هذا هو هدف تجسد ابن الله الكلمة ..
+ يؤكد على ذلك القديس أثناسيوس فى مواضع عدة فيقول فى بعض منها :
·         لكى يجعل الإنسان قادراً على أن يتقبل اللاهوت .
·         لكى يتحد الإنسان بالكلمة ويقبل التبنى فيصير إبناً لله .
·         لقد صار إنساناً لكى يوحدنا مع الله فى شخصه .
+ ويقول القديس إيرينيئوس اللاهوتى ( استشهد عام 200 م ) : " فى ملء الزمان صار الكلمة إنساناً منظوراً ملموساً : لكى يجمع كل شئ فى نفسه ويحتوى كل شئ ويبيد الموت ويظهر الحياة ويعيد الوحدة بين الله والإنسان " . كما جاء فى ( أف 1 : 10 ) .
+ ويقول القديس هيلارى : ( تنيح سنة 367 م ) المُلقب بـ " أثناسيوس الغرب " : " أن إبن الله قد وُلد كإنسان من العذراء فى ملء الزمان لكى يرفع البشرية فى شخصه حتى إلى ( الإتحاد ) باللاهوت ، فقد وُلد إبن الله إذن من أجل أن يأخذنا فى نفسه إلى داخل الله " أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله . لا تضلوا . لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله وهكذا كان أناس فيكم لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم بإسم الرب يسوع وبروح إلهنا (1كو 6: 9 -11) .
+ ويقول القديس كيرلس عمود الدين فى تعاليم فى تجسد الوحيد: " أن تجسد الكلمة لم يحدث لآية غاية أخرى إلا لكى نغتنى نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس فنستمد منه غنى التبنى " . وفى تفسيره لإنجيل لوقا يقول : " لكى يغرس نفسه فينا باتحاد لا يقبل الافتراق " كيف ؟ ومازالت طبيعة الإنسان فاسدة . لو نظرنا لكلمة القديس كيرلس السابقة، التى يقول فيها : "..لكى نغتنى نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس .
وهنا تبدأ المرحلة الثالثة للخلاص ، فالروح القدس يتمم الخلاص فى الكنيسة بواسطة الأسرار ، اسمعوا ما يقوله معلمنا بولس الرسول : " ألستم تعلمون أن الظالمين لايرثون ملكوت الله..........ولكن اغتسلتم ، بل تقدستم ، بل تبررتم ، باسم الرب يسوع وبروح الهنا " (1كو6 : 9-19) – حتمية عمل الروح القدس ، قارن بين (يو6: 48 - 16 و 16: 12-15 ) .
+ يبقى لنا سؤال أخير  كان لابد أن يكون الأول وهو : لماذا تجسد السيد المسيح له المجد ، يقول الحكيم سليمان فى أمثاله: " انى أبلدمن كل انسان وليس لى فهم انسان  ولم أتعلم الحكمة ولم أعرف معرفة القدوس .
من صعد الى السموات ونزل
من جمع الرياح حفنتيه
من سر المياه فى ثوب
من ثبت جميع اطراف الارض .
            ما اسمه وما اسم ابنه ان عرفت ؟ (أم 30 : 2-6 ) أنظر (يو1 1- 5 و14 -18 )  ، (1يو4 : 1-3) .   

( عقيدة التجسد الإلهى ) :
نحن نعلم ، وهذا بديهى ، كما جاء فى سفر التكوين عن قصة سقوط الإنسان
" فى شخص آدم الأول " وحدوث التعدى على الوصية الإلهية وفساد الطبيعة البشرية ، ونجاح الشيطان فى إيجاد فجوة بين الله والإنسان ... ووقوع حكم الموت الأبدى على الإنسان ..
+ يقول القديس أثناسيوس الرسولى : أن التوبة لا تستطيع أن تُوفى مطالب الله العادل ،(قصة الطفل الشقى الذى ضرب زميله وضرب العامل وضرب المدرس وضرب الناظر وضرب المفتش وضرب الوزير . هل تتساوى الجزاءات فى كل مرة ..؟  قطعا لا .. بل تتناسب مع مركز المساء اليه ..؛ فان كان الله هو المساء اليه .. فكف يكون




 جزاء الانسان ؟ .. "موتا تموت" .-   لأنه إن لم يظل الإنسان فى قبضة الموت يكون الله غير صادق .. هذا بالإضافة إلى أن التوبة تعجز عن أن تغير طبيعة الإنسان لأن كل ما تفعله هو أنها تقف حائلاً بينه وبين ارتكاب الخطيئة مرة أخرى ( توبة أعمل كده تانى) ، هكذا لو كان ما ارتكبه الإنسان لم يتبعه الفساد لكانت التوبة كافية ، أما الآن وقد أصبح الفساد طبيعة آدم وحُرم من تلك النعمة التى سبق أن اُعطيت له لم يبق غير أن يتقدم كلمة الله الذى خلق كل شئ من العدم ليرد إلى آدم نعمته السليبة ولذلك يقول قديسنا أثناسيوس
" وإذا رأى الكلمة أن ناموس فساد البشرية لا يمكن إبطاله إلا بالموت وأنه مستحيل أن يتحمل الكلمة الموت لأنه خالد وباق ، غير خاضع لناموس الموت أخذ لنفسه جسداً قابلاً للموت حتى بإتحاده بالكلمة يكون جديراً أن يموت نيابة عن الجميع "،
 وهذا عين ما قاله الرسول بولس : " لأنه كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع " ( 1كو 15: 12 ) ، وفى موضع آخر "فمن يأكلنى فهو يحيا بى .. من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد " ( يو6 : 57، 58 ) ، من الموت كانوا جميعاً أن الموت لم يكن خارجاً عن جسد آدم حتى تأتيه الحياة من خارجه .. أما وقد صار الموت ممتزجاً بالجسد أيضاً وسائداً عليه ، فكان مطلوباً أن تمتزج الحياة بالجسد حتى إذا ما لبس الجسد الحياة نُزع منه الموت " ( أنظر يو 6 : 48 – 58 ) . أحبائى لو كان اللاهوت يموت لما كان داعى لأن يأخذ الناسوت أيضاً " . ويقول بولس الرسول أيضا : "فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم اشترك هو أيضاً فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت - أى إبليس - ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عب 2: 14 ، 15).

+ ويقول المتنيح الأنبا بيمن ( أسقف ملوى السابق ) : " فحقيقة التجسد قد أعطت للمادة معنى جديداً لم تعد المادة نجسة ولا عادت الأرض بفاسدة ، فإن المسيح قد طهر الكون بتجسده " .
لقد حرّمت الكنيسة نسطور المبتدع لأنه فصل الطبيعة الإلهية عن الطبيعة الناسوتية !
وأنكرت على أوطاخى بدعته عندما كان ينادى بذوبان الناسوت فى اللاهوت ! ، ولقد استخدمت الكنيسة المادة مثل الخبز والخمر والزيت والماء فى ممارسة الأسرار الإلهية فإن هذه الأرض التى سبق ولعنها الله عند امتصاصها لدم هابيل الصديق ، هى بعينها التى تعطى فى خضوع بذور الخبز، ونتاج الكرمة اللذين يتحولان بفعل الروح القدس إلى جسد الرب ودمه الأقدسين فى سر الافخارستيا.
يبقى لنا سؤال آخر : ألم يكن هناك فى فكر الله طرق أخرى لإصلاح ما أفسده آدم وحواء جراء تعديهم على وصية الله وفساد طبيعتهم البشرية ؟
فمثلاً :
1-        لماذا لم يسامح الله آدم وحواء على ما اقترفاه فى حقه ؟ فهو غفوراً رحيم.
2-    لماذا لم يفنى الله آدم وحواء " إثنين فقط " ويخلق إنسان جديد بدون
خطية ؟ فهو قادر على كل شئ ، ويقول للشئ كن فيكون .
3-    لماذا لم يرسل الله أى مخلوق آخر " ملاك ، رئيس ملائكة " كما يزعم شهود يهوه ( أو رئيس آباء ، نبى ) .. بدلاً من أن ينزل هو بنفسه ، فهو خالق الكل يأمر فيُطاع .
هذه الأسئلة ستدفعنا إلى إثبات حتمية تجسد السيد المسيح له المجد وأنه لا بديل لذلك :
ج1 : من صفات الله أنه عادل ورحيم ( رحيم فى عدله وعادل فى رحمته ) ولكنه كما يقول الآباء مغلوب من رحمته ومحبته
فالله لم يسامح آدم وحواء على ما اقترفاه فى حقه لكى :
1-        لا يرضى الرحمة على حساب العدل الإلهى .
2-        لا يعيش الإنسان إلى الأبد فى فساد طبيعته ويحقق المغذى الثانى لآمال الشيطان .
ولذلك طُرد آدم وحواء من جنة عدن حتى لا يأكلوا من شجرة الحياة ويحيوا إلى الأبد فى الفساد الطبيعى .






ج2 : + الإنسان على صورة الله ، والله سرمدى " أزلى أبدى " لا يفنى ، بالتالى صورته لا تفنى .
+ إذا فنى الإنسان فأين رحمة الله ؟ حيث أن الإنسان أغراه للسقوط غيره
( الشيطان ) .
+ مستحيل أن يصبح تخطيط الشيطان " فى إسقاط الإنسان " منتصراً على عمل الله – لأن السقوط فى حد ذاته كان مُدبر من الشيطان للإنسان بكونه صورة الله .
وإلا : كما يقول القديس أثناسيوس الرسولى : كان خيراً للإنسان لو لم يُخلق من أن يخلق ليلقى هذا المصير " .
ج3 : " قصة الوزير المسيحى مع مليكه الوثنى "
" لأنى أأنا أيضا انسان تحت سلطان  لى جند تحت يدى ، أقول لهذا اذهب فيذهب ......"(مت 8 : 5-10)
كذلك نرى + شروط الفادى للإنسان كما أوضحها القديس أثناسيوس الرسولى فى كتابه تجسد الكلمة فيما يلى :
1- لا محدود            2- بلا خطية                   3- الخالق لكى يجدد خليقته
4- إنسان                 5- قابل للموت
وهذه الشروط لا تتوافر إلا فى الله المتجسد : لا محدود ، وبلا خطية ، خالق
( فى اللاهوت ) ، إنسان ، قابل للموت ( فى انسان بلا خطية – الناسوت - ) ، وهذه كلها منطبقة على شخص الرب يسوع المسيح وحيد الجنس الإله المتجسد . فلا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا رئيس آباء ولا نبياً ائتمنته على خلاصنا بل أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست .. ( من صلاة الصلح فى القداس بحسب القديس إغريغوريوس )

+ تصور معنا : عامل فى مصنع ما ، وقع فى خطأ ما قد سبق وحذره منه صاحب المصنع معلناً له أن جزاء هذا الخطأ الرفت من العمل ( الفصل ) وبناء على ذلك طُرد العامل من المصنع .
أى محام ذلك الذى لا يعيد العامل إلى عمله فحسب بل وأنه يجعله شريكاً لصاحب المصنع .


أحبائى .. لم يفدينا السيد المسيح له المجد فقط بل صيرنا شركاء الطبيعة الإلهية ( 1بط 1 : 3 ، 4 ) ، " من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه " ( يو 6 : 56 ) .