الأحد، 29 أبريل 2012

اعظمهن المحبة


أعظمهن المحبة 
(1كو13 : 1 - غل 5 : 22-23 )                                                                                                 

V   
V        
 
الحب : هو أقدس كلمة في الوجود ، وقد يحار الكثيرون في تفهم معناه .... ويتساءلون : ترى ما هى أسرار الحب؟ ... وما هو سر قداسته هذه؟!
عظمة الحب : أن الله القادر على كل شئ اتخذه صفة لطبيعته فـ " الله محبة " ( 1يو 4: 8)
فسر عظمة الحب أنه نابع من الله نفسه ، وما نراه من حب في حياتنا العملية  ، ما هو إلا جزء من نتاج عمل الروح القدس فينا نحن معشر المسيحين المعمدين "بالماء والروح"،  ويسكن فينا الروح القدس ، الذي يدفعنا إلى عمل الخير للجميع ... فـ "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا" (1يو  4 :  19) ؛ لأنه هو مصدر الحب .. كنا قد فقدنا الحب بفساد طبيعتنا ودخول الشر حياتنا وحكم علينا بالفناء (الموت الأبدى ) (زى الفراخ المريضة بانفلونزا الطيور)
      المحبة الإلهية استأنفت الحكم وطلبت من عدل الله فترة سماح لكى تدبر للإنسان كيف تفديه ؟

     ايه ثمن الحب ده اللى خدناه من ربنا وأنقذنا من الفناء ؟ فالمحبة أقوى من الموت ... عندما رأى المسيح صليب الموت لم يهرب منه ؛ بل جاز فيه حباً فينا .. وفي آخر الأيام ... "و لكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين"
(مت  24 :  12)
فيشهد كتابنا المقدس :
عن الآب يقول :" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو  3 :  16)
وعن الإبن يقول :" ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو  15 :  13)
وعن الروح القدس يقول :" و أما ثمر الروح فهو محبة ، فرح  ، سلام ، طول اناة ، لطف ، صلاح ، ايمان ، وداعة ، تعفف  ، ضد أمثال هذه ليس ناموس " (غل  5 :  22- 23)
V      ويقول معلمنا يوحنا الحبيب : " أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا لأن المحبة هي من الله و كل من يحب فقد ولد من الله و يعرف الله ، من لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة.. " (1يو 4: 7-8 ) ؛ فيوحنا الحبيب : هو رسول المحبة! وتظهر عظمة المحبة المسيحية أيضا ،  في أنها تتخطى القوانين الإنسانية الطبيعية ، وترتقى بالمسيحيين إلى مستوى أرفع من مستوى أهل العالم .
فيخاطبنا رب المجد يسوع في موعظته على الجبل حيث يقول : " سمعتم أنه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك. و أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لأجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم. لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الأشرار و الصالحين و يمطر على الأبرار و الظالمين. لأنه ان أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم ... فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل "(مت 5: 43- 48)

V   المحبة المسيحية محبة عملية :
     يقول معلمنا يوحنا الحبيب :" و اما من كان له معيشة العالم و نظر أخاه محتاجا و أغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه.  يا أولادي لا نحب بالكلام و لا باللسان بل بالعمل و الحق " (1يو3: 17-18) , ويقول يعقوب الرسول : " ان كان أخ و أخت عريانين و معتازين للقوت اليومي.فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا و اشبعا و لكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة" (يع 2: 15-16)

V   المحبة طاقة لا نهائية :
      لقد خلق الله في قلوب البشر ،  طاقات هائلة ، وإمكانيات رائعة للحب والعطاء والبذل .. هذه الطاقة ،  تماما مثل طاقة البخار الذي يخرج من الماء المغلى .. فإذا كتم هذا البخار .. إنفجر الاناء بما فيه وتحطم وتطاير ، وأضر بمن حوله ... أما إذا أوجدنا له مخرجا ، بطريقة منظمة بالرعاية والاهتمام والدراسة العملية ، نستطيع بعد ذلك أن نحرك به القطارات ، وندفع به الآلات الثقلية ،  ونسير به السفن العظيمة .. فيكون سبب بركة ومنفعة لكل البشر .. فالطاقة لا تفنى .. وما ينطبق على البخار ينطبق على الذرة ، والطاقات المختلفة ..

      فإذا تَركت هذه الطاقات تعمل بدون ضوابط أو كتمت ، دمرت وأضرت وأفسدت الكل .. وإن وظفت ، ونَظمت ؛ عادت بالخير للجميع : هكذا طاقة الحب! . وهكذا ينعكس حب الله على أولاده المؤمنين به .
V         يقول السيد المسيح له المجد :" فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضا بهم "(مت 7: 12 ،  لو 6: 31) ؛ فالحب الحقيقي ، يأخذ قيمته ، بمقدار إسعادى للأخرين ، وليس بمقدار ما أغتنم منهم من عطايا . اللغة الإنجليزية قاصرة في إعطائنا معنى حقيقيا للمحبة .. إذ لا يوجد بها إلا كلمة واحدة ، تعطى وتشير لهذا المعنى وتدل على تودد الرجل إلى المراة .. وكذلك أغلب لغات العالم .. ولكن :
قد وجد أحد الباحثين أن كلمة "المحبة" ، في اللغة التى كَتب بها العهد الجديد " اللغة اليونانية " – لها عشرون كلمة وكل كلمة لها معنى غير الأخرى – لأن المحبة تعبر عن مشاعر كثيرة ، وأحاسيس متنوعة ...
ولقد وجد هذا الباحث ، أن ما يقصده الروح القدس في الإنجيل من تلك العشرين كلمة للحب هى كلمة (أغابى) ، لقد وجدها في الأدب الشعبى اليونانى – وجدت فقط في القاموس الدينى ، تصف إتجاه أو سلوك معين تجاه الآخر – وقد نشأت مع المسيحية الأولى ولم توجد في غيرها ... وهى : لا تنظر قط إلى إستحقاق الآخر ، أو ما هية معاملاته ، أو من يكون هو ، أو كيف يقابل هذه المحبة ؟
V       فهى عمل الخير والعطاء بسخاء لمن يحتاج وبلا تمييز ...
V       والمحبة الحقيقية أيضا هى : القدرة والقوة والرغبة في محبة الناس الذين لا يحبوننا ..
     وهى تعبر بذلك بقدر ما تعبر عن انتصار الإنسان على ذاته ..
     فإذا لم نقدر أن نساعد الأشرار في تغيير حياتهم ، ونحولهم إلى أبرار .. فلنتذكر أن الروح القدس أيضاً قد منحنا : الشفقة ، واللطف ، وطول الأناة ، والحب العظيم .. لكى نتعامل معهم .. لكى يروا هذه الأعمال الحسنة ويمجدوا إلهنا ..
فاسمع ، ما يقوله الروح على لسان معلمنا بولس الرسول عن المحبة فهى :
 تتأنى و ترفق     لا تحسد     لا تتفاخر و لا تنتفخ            لا تقبح             لا تطلب ما لنفسها  لا تحتد
           لا تظن السوء     لا تفرح بالاثم (الشماتة) بل تفرح بالحق   تحتمل كل شيء    ترجو كل شيء   تصبر                                              على كل شيء    لا تسقط ابدا  (1كو13: 4- 8)
V      فلنحترس :
     فقد توجد محبة تقليدية مزيفة ، من أعمال الذات "حب التملك" قد وضعها فينا عدو الخير ، لكى تبعدنا عن الحب الإلهى الحقيقى .... وهذا الحب المزيف محدود ، ومقصود، ومقصور إلى من تميل إليه مشاعرى النفسية وطبيعتى الفاسدة ، وذلك لكى إمتلكه ، للمتعة الأرضية " تشييئ الأخر "
أما الحب الإلهى الحقيقى : فهو غير محدود ، ولا مقصود ، ولا مقصور على إنسان دون آخر ، بل للجميع . وقد يكون ضد مشاعرى النفسية " فضيلة التغصب وإنكار النفس "، وضد طبيعتى الفاسدة ... وذلك لمساعدة الآخرين لتذوق محبة الله ويمجدوه ويقتربوا منه وينالوا الخلاص ...

وأيضآ:
       ليست المحبة مسايرة الآخر ، أوعطاء دائم .. قد تطلب منى محبتى لك أحيانآ ، أن أعاكسك ، أو أن أتركك وشأنك...؛ لأن الحب لا يقوم أبدآ على مسايرة أولئك الذين يبحثون عن الشخص الذي لا يعاكسهم فيما يطلبون :
مثلاً :
V       قد تكون ثملا "سكرانا " وتطلب إلىّ أن أقدم لك مزيداً من الخمر ! .. الحب يقول : لا..
V       قد تطلب إلىّ أن اكون شريكاً  لك في " درب" من الكذب أو الإحتيال .. الحب يقول : لا..
V       هنالك مثلا آخر ، نسميه حال " المستأسد العاطفى " الذي يحاول أن يتخطى حدود المعقول وكأنه يستعملنى في سبيل تحقيق نزواته ، أو أنه يعمل على التلاعب بقرارتى ، باللجوء إلى الغضب تارة ، وإلى الدموع السخية طوراً .. فالحب يحتم علىّ في مثل هذه الحالات أيضا أن أصمد في رفضي لمثل هذه الأساليب ..
V       فالمحبة تحرّم علىّ أن أصبح "مضغة" – لبانة- في أفواه الآخرين أو "مطية" – وسيلة- لتحقيق نزواتهم !..
V       هذه ليست شروط الحب ! .. ولكنها : تسمى بالحب المفرز "الحكيم" ، الذي يفيد إذ قال : نعم ، أيضاً يفيد إذ قال : لا ..؛ المحصلة : فائدة من أحب .....
V       لأن ، أهم شروط في الحب أن يكون بلا شروط .. لأن الحب المشروط ليس بحب حقيقي ، إنه تعاقد : تقول : سوف أستمر في حبى لك مادام .. إلى أن .. شرط أن ..
V       فالحب المشروط : يبدو للإنسان وكأنه أمام ميزان فارغ الكفتان ، وهو يقول للآخر :" مثلما تضع من عندك في إحدى الكفتان ، سأضع أنا في الكفة الأخرى .. فلن تغلبنى أبداً ، طبعا مثل هذا الحب لن تكتب له الحياة !
       يقول ( أحدهما) :" أنت ما أحببتنى أبداً ، بل أحببت وجهى الجميل مادام جميلا ، وأحببت ثيابى النظيفة ، وطلبت إلىّ أن أحافظ على نظافتها ، وأحببت تقديراتى العالية ومراكزى "المرموقة" وأوضحت لى بأن الفشل غير مقبول .. لقد أحببت ما فيّ من قدرات ، ولكنك ما أحببتنى أنا !..
      كنت دائما أسير "معك" وأنا في غاية الحذر ،  وقد عرفت أننى إذا فشلت في تلبية متطلباتك ، سألقى منك  معاملة المدخن لسيجارته ، تأخذ منى  ما طاب لك  ، ثم تلقى بما تبقى منى خارجا ! ، بل قد تدوسنى تحت قدميك !..
لقد أصبح الحب ، في نظر المشروطين : سلعة اجتماعية ، لمكسب مادى ..
فلابد: أن نفرق بين جهادنا لكى نحب الآخرين ، وبين سعينا لكسب ود ومحبة الآخرين !. أن نفرق بين جهادنا لتحقيق المحبة التى لا تطلب ما لنفسها ، وبين سعينا لكسب مادى من وراءها .. (1 تى6: 5)
V       انت تعطى في الحب كل شئ يفيد الآخر – ولا يجرح علاقتك بالله – ولا تنتظر غير أن يتقبل المحب ذلك .. مجرد قبول الآخر لعطاءك يكون هذا نجاح حبك !.
V      المحبة ضابطة للحرية الشخصية : قد توجد أشياء وأعمال لا خطر فيها على من كان قوياً وله أن يمارسها إن أراد ، ومع ذلك فهو يمتنع عنها بسبب محبته للآخرين ضعاف النفوس والقامة الروحية ، فقد يتعثرون منها – فكما أوصانا الكتاب المقدس قائلاً : " يهلك بسبب عملك ، الأخ الضعيف الذي مات المسيح من أجله... و هكذا اذ تخطئون الى الاخوة و تجرحون ضميرهم الضعيف تخطئون الى المسيح...، لذلك ان كان طعام يعثر أخي فلن آكل لحما الى الأبد لئلا أعثر أخي " (1كو 8: 11- 13) " و لسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تلام الخدمة "
     (2كو 6: 3)
V       فعن طريق المحبة المسيحية ، قد دخل إلى الحياة رقة الإحساس باحتياجات الآخرين ومشاكلهم .." ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه " (يو  15 :  13)  " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا " (في 2: 5) لأنه :" من قال انه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضا"
     (1يو 2: 6)
           ويقول بطرس الرسول :" لانكم لهذا دعيتم فان المسيح أيضا تالم لأجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته"      (1بط 2: 21)

V   هنالك أوجة كثيرة للمحبة المسيحية العملية منها :
1.    المحبة عطاء وصدقة : .. قصة أبو مقار، عندما طلب الشيطان منه وهو في شكل محتاج أن يعطيه خوص .. , وكيف تغلب عليه ابو مقار ؛ بسخائه في العطاء ، وتقديم الآخر على نفسه ؟؟............
V       قصة القديس بطرس العابد : وكان في أول أمره عشارا ، وكان قاسيا جدا ، لا يعرف الرحمة ، حتى أنه لكثرة بخله وشحه لقّبوه بعديم الرحمة .. فتحنن عليه الرب يسوع ، وأحب أن يرده عن أفعاله الذميمة ؛ فأرسل إليه يومًا فقيرا يطلب منه شيئا يسيرا .. واتفق وصول خادمه وهو يحمل الخبز إليه ، في الوقت الذي كان فيه الفقير أمامه ، فتناول العشار خبزة من على راس الغلام ، وضرب بها الفقير على رأسه ، لا على سبيل الرحمة ، بل على سبيل الطرد ، حتى لا يعود إليه مرة ثانية .. ولما اقبل المساء رأى في نومه رؤيا ، كأنه في اليوم الأخير ، وقد نصب الميزان ، ورأى جماعة تجلبوا بالسواد ، وفي ابشع الصور تقدموا ووضعوا خطاياه وظلمه في كفة الميزان اليسرى .. ثم أتت جماعة من ملائكة النور حسان المنظر ، لابسين حللا بيضاء ، ووقفوا بجوار كفة الميزان اليمني .. وبدت عليهم الحيرة لأنهم لم يجدوا ما يضعونه فيها..، فتقدم أحدهم ووضع الخبزة التي كان قد ضرب به رأس الفقير ، وقال ليس لهذا الرجل سوي هذه الخبزة ، عندما استيقظ بطرس من النوم فزعا مرعوبا ، وأخذ يندب سوء حظه ، ويلوم نفسه على ما فرط منه . وبدأ أن يكون رحوما متعطفا ، وتناهي في أعمال الرحمة ، حتى كان يجود بالثوب الذي له ، وإذ لم يبق له شئ ترك بلده ومضى فباع نفسه عبدا ودفع الثمن للمساكين . ولما اشتهر أمره هرب من هناك وأتى إلى برية القديس مقاريوس ، حتى ترهب وتنسك وسار سيرة حسنة مرضية  ..
                            
لقد وضع السيد المسيح الصدقة في المرتبة الأولى في الموعظة على الجبل قبل الصلاة والصوم.." (مت 6 :1) ..، وجعل الحب المعطى هو مفتاح السماء : " كنت جوعان .. كنت عطشان .. كنت .. " (مت 25: 34- 40)
2.     المحبة تضحية وبذل الذات : حباً في الآخرين , في إطار وصايا الله .. حيث يقول الكتاب :" .. بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا لأن كل الناموس في كلمة واحدة يكمل تحب قريبك كنفسك. " ( غل 5: 13-14)

V       قصة القديس ديديموس الشاب : في أيام الإمبراطور دقلديانوس إذ اشتعلت نيران الاضطهاد استدعى والي الإسكندرية القديسة ثيؤدورا Theodora، كانت في السابعة عشر من عمرها، اتسمت بجمال ملامحها بجانب تقواها وشرف نسبها. سألها الوالي عن اسمها فأجابت أنها مسيحية، وإذ عرف أنها من عائلة شريفة سألها عن سبب عدم زواجها، فأجابت أنها تفضل خدمة يسوع المسيح.. سألها أن تذبح للوثن وتجحد مسيحها وإذ رفضت هددها بإدخالها أحد بيوت الدعارة، أما هي فأجابت انه لن يستطيع أن يدنس نفسها بالفساد حتى وإن استخدم القهر في الاعتداء على جسدها.. صار يتملقها من أجل جمالها وشرف نسبها لكنها أصرت على الثبات في إيمانها.. أعطاها مهلة ثلاثة أيام للتفكير وأخذ قرارها، أما هي فأجابته أنها تثق في الله الذي يسندها ويحفظها، وإذ دُفعت إلى بيت الدعارة رفعت عينيها وصلت لله كي يخلصها وإذا بجندي مسيحي شاب يدخل إليها ويطمئنها، سائلاً إياها أن ترتدي ثيابه وتعطيه ثيابها لتهرب حتى لا يعتدي أحد عليها...سمع الوالي فحكم بقطع رأسه وحرق جسده، وإذ انطلق به الجند للتنفيذ أسرعت ثيؤدورا لتطالب بحقها في الاستشهاد، فإنها إن كانت قد هربت حتى لا يُفسد أحد عفتها لكنها لا تستطيع أن تحرم نفسها من هذا الإكليل، وبالفعل استشهدت معه.

V      قصة مارجرجس : وتضحياته بكل إغراءات دقلديانوس حباً في الملك المسيح ..

V    قصة القديسة بربتوا  العفيفة وصاحباتها : أهمية كبرى في الكنيسة الأولى.. ففي القرن الرابع الميلادي كانت تُقرأ علانية في كنيسة شمال غرب أفريقيا، حتى خشي القديس أغسطينوس لئلا يمزج الشعب بين هذه الأعمال وأسفار الكتاب المقدس، فكان يحذر من ذلك وإن كان كثيرًا ما تحدث عن هؤلاء الشهداء لحث الشعب على الجهاد الروحي.
القبض عليها في عام 203 م :-
       خلال الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور ساويرس، ألقى مينوسيوس تيمينيانوس والي أفريقيا القبض على خمسة من المؤمنين كانوا في صفوف الموعوظين، هم ريفوكاتوس Revocatus، وفيليستي التي كانت حاملاً في الشهر الثامن، وساتورنينوس Saturninus، وسيكوندولس Secundulus، وفيبيا أو فيفيا بربتوا التي كانت تبلغ من السن حوالي 22 سنة متزوجة بأحد الأثرياء ومعها طفل رضيع... كانت هذه الشريفة ابنة لرجل شريف ولها أخان أما الثالث دينوقراطيس فقد مات وهو في السابعة من عمره، أُلقيّ القبض على هؤلاء الموعوظين الخمسة، ولحق بهم رجل يُدعى ساتيروس Saturus، يبدو أنه كان معلمهم ومرشدهم، تقدم باختياره ليُسجن معهم حتى يكون لهم سندًا ويشاركهم أتعابهم ، قيل أن زوج بربتوا كان مسيحيًا، قَبِلَ الإيمان سرًا، وإذ شعر بموجة الاضطهاد اختفى..
      وُضع الخمسة في إحدى البيوت في المدينة، فجاء والد بربتوا ليبذل كل جهده لرد ابنته إلى العبادة الوثنية، وكان يستخدم كل وسيلة .. كان يبكي بدموع مظهرًا كل حزن عليها، أما هي فصارحته أنها لن تنكر مسيحها مهما كان الثمن، عندئذ انهال عليها ضربًا وصار يشتمها ثم تركها ومضى.. في ذلك الوقت نال الموعوظون المقبوض عليهم سرّ العماد. في السجن تقول بربتوا أنه بعد أيام قليلة دخلت مع زملائها السجن فراعها هول منظره، كان ظلامه لا يوصف، ورائحة النتانة لا تُطاق فضلاً عن قسوة الجند وحرمانها من رضيعها.. وإذ كانت في يومها الأول متألمة للغاية استطاع شماسان طوباويان يدعيان ترتيوس Tertius وبومبونيوس Pomponius أن يدفعا للجند مالاً ليُسمح لهم بالراحة جزءًا من النهار، كما سُمح لها أن تُرضع طفلها الذي كان قد هزل جدًا بسبب الجوع.. تحدثت بربتوا مع أخيها أن يهتم بالرضيع وألا يقلق عليها.. بعد ذلك سُمح لها ببقاء الرضيع معها ففرحت، وحّول الله لها السجن إلى قصر، وكما قالت شعرت أنها لن تجد راحة مثلما هي عليه داخل السجن.

 رؤيتها في السجن :
     افتقدها أخوها في السجن وصار يحدثها بأنها تعيش في مجدٍ، وأنها عزيزة على الله بسبب احتمالها الآلام من أجله، وقد طلب منها أن تصلي إلى الرب ليظهر لها إن كان هذا الأمر ينتهي بالاستشهاد..، بكل ثقة وطمأنينة سألت أخاها أن يحضر لها في الغد لتخبره بما سيعلنه لها السيد.. طلبت من الله القدوس ما رغبه أخوها، وإذ بها ترى في الليل سلمًا ذهبيًا ضيقًا لا يقدر أن يصعد عليه اثنان معًا في نفس الوقت، وقد ثبت على جانبي السلم كل أنواع من السكاكين والمخالب الحديدية والسيوف، حتى أن من يصعد عليه بغير احتراس ولا ينظر إلى فوق يُصاب بجراحات ويهلك.. وكان عند أسفل السلم يوجد تنين ضخم جدًا يود أن يفترس كل من يصعد عليه.. صعد ساتيروس أولاً حتى بلغ قمة السلم ثم التفت إليها وهو يقول لها: "بربتوا، إني منتظرك، لكن احذري التنين لئلا ينهشك". أجابته القديسة: "باسم يسوع المسيح لن يضرني".. ثم تقدمت إلى السلم لتجد التنين يرفع رأسه قليلاً لكن في رعب وخوف، فوضعت قدمها على السلم الذهبي ووطأت بالقدم الآخرى على رأس التنين ثم صعدت لتجد نفسها كما في حديقة ضخمة لا حدَّ لاتساعها، يجلس في وسطها إنسان عظيم للغاية شعره أبيض، يلبس ثوب راعي يحلب القطيع، وحوله عدة آلاف من الناس لابسين ثيابًا بيضاء.. رفع هذا الرجل رأسه ونظر إليها، وهو يقول: "مرحبًا بكِ يا ابنتي"، ثم استدعاها، وقدم لها جبنًا صُنع من الحليب، فتناولته بيديها وأكلت، وإذا بكل المحيطين به يقولون: "آمين". استيقظت بربتوا على هذا الصوت لتجد نفسها كمن يأكل طعامًا حلوًا. وقد أخبرت أخاها بما رأته فعرفا أن الأمر ينتهي بالاستشهاد.
 محاكمتها :-
     سمع والدها بقرب محاكمتها فجاء إليها في السجن يبكي بدموع، أما هي فأكدت له أنها لن تنكر مسيحها.. في اليوم التالي استدعيّ الكل للمحاكمة العلنية أمام الوالي هيلاريون، إذ كان الوالي السابق قد مات.. دُعيت بربتوا في المقدمة، وإذا بها تجد والدها أمامها يحمل رضيعها ليحثها على إنكار الإيمان لتربي طفلها.. أصرَّ والدها على الالتصاق بها فأمر الوالي بطرده، وإذ ضربه الجند تألمت بربتوا للغاية.. رأى الوالي إصرار الكل على التمسك بالإيمان المسيحي فحكم عليهم بإلقائهم طعامًا للوحوش الجائعة المفترسة، فعمت الفرحة وحسب الكل إنهم نالوا إفراجًا..
 استشهادهم :-
     أعيد الكل إلى السجن حتى يُرسلوا إلى ساحات الاستشهاد ليُقدموا للوحوش المفترسة، وقد كانت فيليستي حزينة جدًا، لأن القانون الروماني يمنع قتلها حتى تتم الولادة، بهذا لا تنعم بإكليل الاستشهاد مع زملائها.. صلى الكل من أجلها، وفي نفس الليلة استجاب لها الرب إذ لحقت بها آلام الولادة.. رآها السجان وهي تتعذب، فقال لها إن كانت لا تحتمل آلام الولادة الطبيعية فكيف تستطيع أن تحتمل أنياب الوحوش ومخالبها... أجابته القديسة : "أنا أتألم اليوم، أما غدًا فالمسيح الذي فيّ هو الذي يتألم، اليوم قوة الطبيعة تقاومني، أما غدًا فنعمة الله تهبني النصرة على ما أُعد لي من عذاب"...
       جاء الوقت المحدد وانطلق الكل إلى الساحة كما إلى عرسٍ ، وكان الفرح الإلهي يملأ قلوبهم.. وإذ انطلقت الوحوش المفترسة رفعت بقرة وحشية بربتوا بقرنيها إلى فوق وألقتها على الأرض، وإذ كان ثوبها قد تمزق أمسكت به لتستر جسدها، ثم نطحتها مرة أخرى.. أما فيليستي فقد أغمي عليها ثم فاقت كمن قد شهدت رؤيا سماوية.. ولم يمضِ إلا القليل حتى دخل الجند وقتلوا الشهداء ؛ ليتمتعوا بالراحة الدائمة في حوالي عام 203 م

V       قصة رهبنة القديسين الأخوين مكسيموس ودماديوس : وكيف ضحوا بالجاه والمال والمراكز حباً في الحياة التقشفية مع الملك المسيح ..

V       القديس صرابامون أبو طرحة : وكسر صومه لأجل الإنسانة الضالة

V      القديس بولس الرسول : الذي قال " قد خسرت كل الاشياء و انا احسبها نفاية لكي اربح المسيح" (في 3: 8).

3.     المحبة تغفر إساءات الآخرين : كان السيد المسيح المثل الاعلى في ذلك على صليب الجلجثة عندما قال وهو مصلوب " يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون " (لو 23: 34)
V    القديس الشهيد اسطفانوس ومغفرته لراجميه ..
V    القديسة بربارة كانت تصلى من أجل أبيها القاسى ، الذى اشترك مع الوالى في تعرية جسدها وتعذيبها ثم بعد ذلك قطعوا رأسها ..
V    القديس مار جرجس وقف للصلاة من اجل المرأة الفاسدة التى أدخلوها له لكى تفسد عفته في السجن
V    القديس فيلياس أسقف تمى مد ذراعيه على شكل صليب وصلى لأجل تلاميذه ولأجل الأباطرة ولأجل الحكام وهم يقطعون رأسه الطاهرة – وكان يقول لقاتليه " أقدم لكم الشكر لأنكم ستجعلوننى وارثا لملكوت السموات "
V    كانت دائما وصية الانبا إيسيذورس لتلاميذه " يا أولادى اغفروا يغفر لكم "
V    ولا تخلو الصلاة الربانية من هذه المحبة عندما نقول :" و اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين الينا" (لو 11: 4)

4.       المحبة كرازة :  فقد قال الكتاب المقدس :" لكي يروا أعمالكم الحسنة و يمجدوا أباكم الذي في السماوات (مت  5 :  16)
V       واضحة في سيرة القديس خرستوزلو (وكان قبلاً آكلا للحوم البشر) .. وكيف أنقذ أسيريه من الموت جوعاً.
V       كيف تحول الجندى القائد الوثنى باخوميوس : إلى رئيس طغمة رهبانية ... ومدرسة لحياة الشركة الرهبانية ...

هى المحبة !! ....
أحبائى : يقول القديس اغسطينوس :" أحبب ، وأفعل ما شئت "
كيـــــــــــــــــــــــف ؟!!
 فإن أحبــــــبت الله ... فإنك لا تفعل ما يغضبه ...
  وإن أحببت الناس ... لا تفعل ما يضر النــاس ...
       وإن أحببت نفسك ... أكيد ستجاهد لخلاص نفسك ...
ليعطنا الرب هذا الحب الحقيقى
له المجد الى الأبد
أمين

























و

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق