الأحد، 7 أكتوبر 2012

الصليب والسراب الخادع


شعورى كالتعدى ,كفاعل شر لاتفارقنى , ذبنى أكثر مما يحتمل ... لقد ارتكبت جرائم , وهيهات لعدالة الأرض أن تنال مني بشئ ! أمثالى كثيرون , ممن يمتهنون فن الخداع , على قيد الحياة بعيداً عن سلطانها ! بينما أتقياء وأبرياء مطروح
ون في جوف السجون !

يا الهى .......... 
أشعر بكيانى يهتز , كمن أصيب بلعنة الفراعنة .. أمريض أنا بالإيدز؟ .. داء معدى ليس له دواء .. إننى أخشى الاقتراب من الناس , ولا سيما ممن أحب , خوفاً عليهم منى .. فهربت لعلك سامحتنى .. ولكن , أين لى أن أسامح نفسى ؟! .. أنها الخطية , جاهدت كثيراً حتى أرفض الماضى , أدفعه في بحور النسيان , أمزق كل ما يتعلق به .. لأفتح صفحة جديدة من سنى ناصعة , دون غبار .. لا جدوى ! لقد هربت من نار الماضى خوفاً من الاحتراق , وارتميت في أحضان نهر الحاضر لأروى ظما نكبتى في لجة هموم مستقبلى !
عجبي !..
أفكارى أصبحت سطحية ساذجة .. كاحلام الطفولة في اقتناء كل ماهو خيالى .. وأتساءل عن الإنسان القديس الصالح فى وسط براكين الشر التى نسبح فيها .. فلا مجيب وأننى متأكد أننا نتآمر عليه لنقلته إذا علمنا بميلاده .. أذهبوا المجوس فلا تعودوا لتخبرونا عن أماكن القديسين .. فكلنا هيرودس نأبى أن نسجد له .
أننا أبناء قتلة الأنبياء , والقديسين والشهداء .. تاريخنا ملطخ بدمائهم الطاهرة , فورثنا ذلك عن آبائنا .. أننى لا أنكر .. فترانا تحت تاثير الدوافع الكاملة في داخلنا , نمثل بجثث الآخرين .. إنها الأنانية , نريد أن نحيا على الأرض وحدنا .. والكل نسخره لأهوائنا .. شعارنا : أنا ومن بعدى الطوفان ! لقد امتلأت الأرض من حروب الأنا .. ألعلةُ في الإنسان , والمشكلة , كيف تعاد صناعته من جديد ؟.. متى تتغير طبيعته التى أفسدها بإراديه ..
ماذا أصابني ؟!
إننى أفقد احترام الآخرين لى .. أحطم شخصيتى بسلوكى المشين .. فأمام نظرتها المغرضة التى كانت ترمقنى بها , كنت ازداد اقتراباً من القبر . وبعد الاحتكاكات المستمرة التى كانت تنصبها لاصطيادى .. ترتفع رائحتنى الكريهة ! هيهات .. فأنا لست تلك الفراشة , التى يبهرها نور المصباح , وسرعان ما يصعقها نيرانه .. أبدا لم يكون .. ولن يكون ! ليتك يا من خلقتنا , تترك كرسى عرشك وتنزل بيننا .. تتمشى ليس في جنة عدن ولكن في أرضنا , تسمع , وتبكى .. وترى , ماشوهته الخطية فينا , وما قدمه الشر لنا . فالحب يحتضر , والمحبة صامتة .. والطاعة والتواضع جعلوا من اصحابهم مسخرة! إننا نعيش في جهنم التى صنعتها يدانا , وأتقنا في إشعالها ! أمامنا التكالب على الباطل , والسراب الخادع , وخلفنا الفردوس المفقود !.. من سيكتشفه لنا ؟! 
أحمال ...
لقد امتلات أرضنا جماجم , وجثث الأحياء لا مشاعر لها ! أشلاء المظلومين تحكى المظالم , ودماؤهم تروى حقولا لا طائل لها ! لقد زهدت الجمال الذي أبدعه الخالق بأنامله , وتغازل الشعراء في محاسنه ! فالورد جرحته أشواكه , فصار ينزف دما, والصحراء ازدحمت باقدام المغرضين فتاهت عن هدف وجودها ..
أين أنت يا الله ؟ 
.. ثقتى فيك , إن أردت تقدر أن تفعل .. فكل خطايا البشرية , إذ ذابت في لجة محبتك الفياضة , كأنها حفنة من طين ألقيت في محيط عميق لا حدود له ! .. لقد فاض في العيون دموع .. وأدمت في القلوب جروح , عبثاً أن تلتئم .
يا الهى .......... 
هل تتمتع بجرائم البشر ؟! .. هل يعجبك من يعتلون المناصب على حطام أصحابها ؟! هذه مشيئتك .. والا , لم تكن . إنه الصليب ..
عبء الحياة الذي يثقل كاهل المجاهدين , يحملونه ويرتقون به الجبال الوعرة سعياً إلى الخلاص ! فقد يظهر للجاهل , أن الصليب انتصار لقوى الشر .. كلا .. فذلك في فهم الهالكين .. ولكن : الصليب مفتاح لقوة قيامة الحياة الأبدية , وانبثاق أمل إتمام الخلاص .. أكتفى بالقول , إن الإنسان صورة الله في كيان من أجمل ما وجد في عالم الماديات فهو نفخة من روح الله .. فلا يُعرف الإنسان إلا من خلال الله , ولا يفهمه أحد إلا من يستنير بنور شعاع الله . فالإنسان لغز , وسيظل كذلك , طالما أحجب عنه ذلك الطابع المميز الذي أعطى إليه مباشرة عند تكوينه : "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا " (تك 1: 26)
ولكن ....... رجاؤنا
" اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. و كل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر." (1يو 3: 2-3)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق